إلى كل دنيتي..
إلى التى لا يرى قلبي غيرها ولا تستقر عيني إلا عندها ولا يسكن قلبي إلا بجوارها..
إليكِ يا أمي..
لا تتعجبي من رسالتي، فأنتِ على يقين أنها ليست بقلمي ولا بكلماتي فأنا صغيرتك التى لم تتجاوز السادسة من عمرها.
رسالتي من قلبي لعلها تستطيع أن تعبر لك عما أعجز أنا أن أعبر عنه، فالكلام لا يسعفني والألفاظ تتكسر على لساني.
هل تدرين يا أمي كيف يرقص قلبي حين تضحكين؟.. هل تلاحظين يا قلبي كيف تلمع عيني حين تراكِ تسعدين؟.
أخشى عليكِ يا أمي الحنون أن يمسك أي ألم، وإذا أدركتِ كيف يرتجف قلبي حين تغضبين من أى شيء، وكيف ينفطر إذا كنتِ مني تغضبين، وكيف تدور عيناي وتعلو صرخاتي حين ترفضين تصرفاتي التى لا أعلم كيف أواجهها وهى تغضبك..
أستحلفك بالله يا أمي أن تطمأنيني أنه حتى وإن نطق لساني بكلمات مشوهة تغضبك ألا تصوبي على مسمعي عبارات لا أفهمها ولكنها تزلزل كياني، إن عقلي صغير لا يستوعب كلمات التهديد، ولكن قلبي يشعر بها فأخاف وأندفع وأردد كلمات أخرى جوفاء تزيدك حنقا علي، وأحس أنه رغم صغر عقلي إلا أنه يكاد يطير بعيدا عني وأفقده.
لا حيلة لي في أني موجودة، ولكني أحب الذي أوجدني، وحين يتردد على مسامعي أنك كنت غير راغبة فى وجودي يُكذّب قلبي تلك الدعاوى فحين تضمينني إلى قلبك يخبرني أني هبة الله لكِ، ويهمس له قلبي بأنك كل رغبتي.. لا ذنب لي فى أني لستُ كما تتمنين، ولكني أعدك أني سأكون أفضل مما تحبين.
علميني يا أمي ماذا تريدين مني فأنا ملك يديكِ، وأرتوي من عطفك.. ساعديني على أن أكون كما تبغين.
أمي.. أنا أخشى أن أبعد عنك للحظات، فكيف بالذهاب إلى المدرسة وقضاء كل تلك الساعات؟!.. لكنني سأطيعك حتى لا تبتعدي أنتِ عني وحتى أعود فأجدك، وأنا علي يقين بأنكِ تحبين كل الخير لي، وأرجو منك أن تتابعيني فى ذلك المجتمع الجديد علي، فقد لا يحبونني هناك، وقد لا يدركون أني تركت عقلي وقلبي معك فى البيت.
يصر عقلي ألا أتناول شيء فى المدرسة من طعام أوشراب أو حلوى ولا أدرى لماذا؟، وكنت أراكِ تغضبين لذلك لكني سأرضخ لأمرك وسيعينني أنكِ وأنتي تضعينه لي في حقيبتي قبلتي وجهي وقلتِ لي أنكِ قد أعددتيه بنفسك وأنه سيسعدك أن أتناوله.
أمي.. حتى وإن كنت أختلف عن باقي إخوتي إلا أنني إحداهن وسيجمعنا حبك وسنجتمع على محبتك.
أمى.. إن خانتني الكلمات وعاندتني فضعى يدك على قلبي وسيحدثك بأن أرض الله الواسعة أضيق عنده من حضنك فهو لا يعرف غيره.
حبيبتي الغالية.. الآن سأنطلق وألهو وأمارس طفولتي كما يحلو لي، وسأعود إليكِ فإفتحى لي ذراعيكِ وقبليني فأنا قطعة منكِ وقضاء ربكِ، فصدود الأم ونقدها قاتل، ولن يثمر حبها وحنانها وذكاؤها إلا الرضا والأمان.
الكاتب: تهاني الشروني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.